مارجريت عازر تكتب : دعم نقدي أم عيني..والأنسب للطبيعة المصرية؟
أستاذة مارجرجيت عازر &عضو مجلس النواب السابق ونائب رئيس كتله الحوار
في ظل التحديات الاقتصادية التي تواجه مصر، يصبح النقاش حول نوعية الدعم الأمثل بين الدعم النقدي والدعم العيني موضوعًا محوريًا. تنبع هذه التساؤلات من الحاجة لتحديد النظام الأنسب الذي يساعد في تحقيق العدالة الاجتماعية، ويُسهم في تحسين معيشة الطبقات الأكثر احتياجًا دون إهدار للموارد. لذا، لابد من فهم كل نوع من أنواع الدعم ومدى ملاءمته للطبيعة المصرية.
الدعم العيني: الاستفادة المباشرة من السلع
الدعم العيني يتمثل في توفير السلع والخدمات المدعمة بشكل مباشر، مثل توزيع الخبز، الزيت، السكر، والوقود. ميزة هذا النوع من الدعم أنه يضمن وصول السلع الأساسية للمواطنين بأسعار مخفضة أو مجانًا، مما يساعد على توفير احتياجاتهم الأساسية وتقليل العبء المعيشي. كما أن هذه الطريقة تحمي الفئات الأقل دخلًا من التقلبات في الأسعار وتساهم في الحفاظ على استقرار السوق.
ولكن، هناك انتقادات للدعم العيني، أهمها أن هذه الطريقة تفتح المجال لسوء الإدارة والهدر في الموارد. قد يصل الدعم إلى غير مستحقيه بسبب التلاعب أو ضعف الرقابة. كما أن التركيز على توفير السلع المدعمة بشكل مباشر قد يؤدي إلى نقص الجودة أو عدم توافر السلع بكميات كافية نتيجة للفساد أو سوء التنظيم.
الدعم النقدي: الحرية الاقتصادية وزيادة المرونة
أما الدعم النقدي، فيعتمد على تقديم مبالغ مالية مباشرة للمواطنين بدلًا من السلع. هذا النوع من الدعم يوفر للأفراد حرية أكبر في اختيار كيفية إنفاق المبالغ المقدمة، مما يمكنهم من تلبية احتياجاتهم الفردية بشكل أفضل. إضافة إلى ذلك، يقلل الدعم النقدي من التكاليف الإدارية المتعلقة بتوزيع السلع ويساهم في تحسين كفاءة الإنفاق الحكومي.
إحدى المزايا الأخرى للدعم النقدي هي أنه يسمح بتحفيز الاقتصاد المحلي، حيث يتم إنفاق الأموال في الأسواق، ما يعزز من حركة الطلب والإنتاج. لكن المشكلة الرئيسية في هذه الطريقة تكمن في احتمالية تأثير التضخم على قيمة الدعم، مما قد يؤدي إلى تآكل القوة الشرائية للمواطنين بمرور الوقت. كما أن هناك مخاوف من أن يتم استخدام الأموال في غير مكانها المناسب، مثل شراء الكماليات بدلاً من الاحتياجات الأساسية.
الطبيعة المصرية: بين التحديات والفرص
لتحديد النظام الأنسب لدولة مثل مصر، يجب مراعاة الطبيعة الاقتصادية والاجتماعية للبلاد. مصر دولة ذات كثافة سكانية عالية، وتعاني من فجوات تنموية بين المدن الكبرى والمناطق الريفية. في هذا السياق، يمكن أن يكون الدعم العيني أكثر ملاءمة للفئات الأقل تعليمًا أو في المناطق التي تعاني من نقص الخدمات، حيث يضمن وصول السلع الأساسية للجميع.
الحلول المشتركة: الموازنة بين النوعين
من جهة أخرى، هناك دعوات متزايدة لاعتماد الدعم النقدي، خصوصًا مع تعزيز التحول الرقمي وتطوير قاعدة بيانات دقيقة تضمن وصول الدعم لمستحقيه. لكن هذا يتطلب بنية تحتية قوية وضمانات لتحقيق العدالة في التوزيع.
قد يكون الحل الأمثل هو اعتماد نظام هجين يجمع بين الدعم النقدي والعيني. يمكن أن يتم توفير السلع الأساسية مثل الغذاء والطاقة بشكل مدعوم لضمان الحماية الاجتماعية، وفي الوقت ذاته تقديم مبالغ نقدية للفئات المستحقة لتمكينهم من تلبية احتياجات أخرى. هذا النظام يحقق التوازن بين الحفاظ على استقرار الأسعار وضمان الكفاءة في توزيع الموارد.
ختامًا، يتطلب تحديد الأنسب للطبيعة المصرية دراسة دقيقة لاحتياجات المواطنين ومتطلبات التنمية. سواء كان الدعم نقديًا أم عينيًا، فإن الهدف الأساسي يجب أن يكون تحسين حياة المواطن المصري وضمان استدامة العدالة الاجتماعية.
One Comment